الثروة الغازيّة في لبنان: عامل الوقت


نشر هذا المقال في جريدة النهار في 9 كانون الثاني 2014.

جاءت الاكتشافات الجديدة للغاز في شرق البحر المتوسّط إبّان تزايد الطلب العالميّ على الغاز.  كما يُتوقّع أن يرتفع بنسبة 1.6 في المئة سنويًّا، متجاوزًا الطلب على الفحم كثاني أهمّ وقودٍ في العالم بعد النفط.  هذا يمثّل إمكاناتٍ مشوّقة أمام لبنان الذي يؤكِّد أنّ جزءًا كبيرًا من موارد حوض المشرق يكمن تحت قاع البحر في منطقته الاقتصاديّة الخالصة (EEZ).  تظهِرُ الدراسات الزلزاليّة الثلاثيّة الأبعاد التي أجريت على أكثر من 70 في المئة من عرض المنطقة الاقتصاديّة الخالصة أنّ الاحتمالات مرتفعة.  والحال أنّ البلد، مهما أنجز من أعمال كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية، من خلال وضع الإطار القانونيّ والمؤسّسيّ اللازم لدعوة الشركات إلى تقديم عروض لحقوق التنقيب، يظلّ متخلِّفًا عن جيرانه.

في أيّار/مايو 2013، أطلقت وزارة الطاقة والمياه جولة الترخيص الأولى للتنقيب عن النفط والغاز في البحر.  ترشّحت اثنتان وخمسون شركة لتقديم العروض، تأهّل منها ستّة وأربعون، بما في ذلك بعض من أكبر الأسماء في هذا المجال.  ولكنْ تأجّل استدراج العروض مرارًا وتكرارًا منذ ذلك الحين، لغياب مرسومين حاسمين، أحدهما ترسيم الكتل البحريّة وإحداثيّاتها، والثاني التصديق على اتّفاقٍ نموذجيّ للتنقيب والإنتاج.  وعُلِّقَ استدراج العروض كغيره من الأمور في البلد.  شيئًا فشيئًا يختفي التقدّم الذي حقّقه البلد في السنوات القليلة الماضية للّحاق بركب جيرانه.  الوقت عاملٌ جوهريّ هنا.  نميل في لبنان إلى مقاربة المشاكل بطريقة غير منظّمة، غافلين عن معايير أساسيّة منها، في هذه الحال، المنافسة وعامل الوقت.

لماذا المقارنة المستمرّة مع الدول المجاورة؟  لأنّ ذلك مهمّ.  صحيحٌ أنّ لبنان لم يضع سياسة هيدروكربونيّة، ولم يدرس بالتفصيل خيارات التصدير، إنّما صدر عددٌ من التصريحات من قبل مسؤولين لبنانيّين، منهم جبران باسيل وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال، بأنّ لبنان يتطلّع أوّلاً إلى الأسواق المجاورة، من بين خيارات أخرى محتملة.  والحال أنّنا لسنا الوحيدين المتطلّعين إلى هذه الأسواق.  تناقش مجموعة ديلك الإسرائيليّة ونوبل إنرجي الأميركية صفقة بيع الغاز الإسرائيليّ لشركة البوتاس العربيّة في الأردن.  كما أعرب تشارلز ديفيدسون، الرئيس التنفيذيّ لشركة نوبل إنرجي، مشغّلة حقلي غاز ليفياتان وتامار في إسرائيل، عن تفضيله بيعَ الغاز لدول مجاورة كمصر والأردنّ.  وبما أنّ عقود الغاز تكون عادةً طويلة الأجل، فقد يجد لبنان صعوبة في بيع الغاز للدول المجاورة التي لا تنقصها العروض.  الحاجة إلى البحث عن أسواق أبعد تعني كذلك الحاجة إلى زيادة الاستثمار في البنية التحتيّة.

صدر عن بعض المسؤولين اللبنانيّين المعنيّين عن كثب بملفّ النفط والغاز، بمن فيهم أعضاء في حكومة تسيير الأعمال الحاليّة، في الأشهر القليلة الماضية، تصريح بأنّ تأخير استدراج العروض ليس بذي بال.  الحجّة المعتادة هي أنّ الغاز محتبس في قاع البحر منذ ملايين السنين، وأنّ لا بأس في انتظارنا بضعة أشهر أو سنوات لاستغلاله.  والحال أنّنا متأخّرون منذ الآن، وليس لدينا وقت نضيّعه.  تُطوَّر حاليًّا احتياطيّات جديدة تقليديّة وغير تقليديّة، بحيث يتزايد العرض على الأسواق، فتهبط الأسعار.  ثمّة موجة من الإمدادات الجديدة ستصبح متاحةً للأسواق العالميّة بدءًا من 2020، السنة التي يفترض في لبنان أن يباشر الإنتاج فيها.  ويتوقّع أن يؤثِّر في أسعار الغاز في جميع أنحاء العالم تدفُّقُ الغاز الرخيص من الولايات المتّحدة، واستغلال الاحتياطيّات غير التقليديّة في دول مثل الصين، وإنجاز مشاريع الغاز الطبيعيّ المسال التي تسمح بتصدير احتياطيّات شرق أفريقيا وأستراليا الضخمة.  في حين يصعب استباق معرفة أسعار الغاز بدقّةٍ، قبل سنين، يتوقّع البنك الدوليّ أن تنخفض الأسعار في أوروبا وآسيا نحو عشرة في المئة بحلول عام 2020.  أمّا وكالة الطاقة الدوليّة (IEA) فتعتقد ان الأسعار قد تنخفض بنسبة تصل إلى 30 في المئة بحلول 2020.

خلافًا لما يقول كثيرٌ من المسؤولين اللبنانيّين، لاعتبارات سياسيّة بحتة، من المهمّ للبنان أن يعاجل إلى المضيّ قدمًا في خططه.  لبنان ليس وحيدًا، ومن المرجّح أن تتدنّى قيمة ثروتنا مع مرور الوقت.

[hr]

Middle East Strategic Perspectives has compiled the main highlights of Lebanon’s emerging oil and gas sector in 2013. Click here to read the article, which also contains a list of all the reports we published on our website in 2013.

[hr]

For operational analysis, click here to order a copy of Lebanon’s Oil & Gas Sector: Potential and Opportunities released in November 2013. The 25-page report presents the Lebanese oil and gas sector, the actors that are shaping it, evaluates its strengths and weaknesses, and the opportunities it creates, and concludes with detailed recommendations designed to maximize the efficiency of a company’s entry.

Scroll to Top